فصل: فَصْلٌ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شرح المحلي على المنهاج



. فَصْلٌ:

إذَا (قَالَ آجَرْتُك) هَذَا (الْبَيْتَ) شَهْرَ كَذَا (بِعَشَرَةٍ فَقَالَ بَلْ) آجَرْتَنِي (جَمِيعَ الدَّارِ) الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهِ (بِالْعَشَرَةِ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) بِمَا قَالَاهُ (تَعَارَضَتَا وَفِي قَوْلٍ يُقَدَّمُ الْمُسْتَأْجِرُ) لِمَا فِي بَيِّنَتِهِ مِنْ زِيَادَةِ غَيْرِ الْبَيْتِ وَالْأَوَّلُ يَنْفِي التَّرْجِيحَ بِذَلِكَ وَيَقُولُ عَلَى قَوْلِ السُّقُوطِ يَتَحَالَفَانِ ثُمَّ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ أَوْ يَنْفَسِخُ عَلَى مَا سَبَقَ فَهِيَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةُ مِثْلِ مَا سَكَنَ فِي الْبَيْتِ أَوْ الدَّارِ وَتَجِيءُ الْقُرْعَةُ عَلَى الصَّحِيحِ عَلَى قَوْلِ الِاسْتِعْمَالِ دُونَ الْقِسْمَةِ وَالْوَقْفِ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ عُمِلَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ ادَّعَيَا) أَيْ كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ (شَيْئًا فِي يَدِ ثَالِثٍ) أَنْكَرَهُمَا (وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهُ) مِنْهُ (وَوَزَنَ لَهُ ثَمَنَهُ فَإِنْ اخْتَلَفَ تَارِيخٌ حُكِمَ لِلْأَسْبَقِ) تَارِيخًا (وَإِلَّا بِأَنْ اتَّحَدَ) التَّارِيخُ (تَعَارَضَتَا) فَعَلَى قَوْلِ السُّقُوطِ يَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا أَنَّهُ مَا بَاعَهُ وَلَا تَعَارُضَ فِي الثَّمَنَيْنِ فَيَلْزَمَانِهِ وَقِيلَ نَعَمْ فَيَحْلِفُ عَلَيْهِمَا وَعَلَى الْقُرْعَةِ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ سَلَّمَ إلَيْهِ الشَّيْءَ، وَاسْتَرَدَّ الْآخَرُ ثَمَنَهُ وَعَلَى الْقِسْمَةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ شَيْءٍ بِنِصْفِ الْآخَرِ وَعَلَى الْوَقْتِ يُنْتَزَعُ الشَّيْءُ وَالثَّمَنَانِ مِنْ الْخَصْمِ وَيُوقَفُ الْجَمِيعُ، (وَلَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِعْتُكَهُ بِكَذَا وَأَقَامَاهُمَا) أَيْ الْبَيِّنَتَيْنِ بِمَا قَالَاهُ وَطَالَبَا بِالثَّمَنَيْنِ (فَإِنْ اتَّحِدَ تَارِيخُهُمَا تَعَارَضَتَا) فَيَحْلِفُ عَلَى قَوْلِ السُّقُوطِ يَمِينَيْنِ، وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنَيْنِ وَعَلَى الْقُرْعَةِ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ قُضِيَ لَهُ بِثَمَنِهِ وَلِلْآخَرِ تَحْلِيفُ الْخَصْمِ عَلَى ثَمَنِهِ وَعَلَى الْقِسْمَةِ لِكُلٍّ نِصْفُ ثَمَنِهِ وَكَأَنَّهُمَا بَاعَاهُ بِثَمَنَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ وَعَلَى الْوَقْفِ، يُؤْخَذُ الْمَبِيعُ وَالثَّمَنَانِ عَلَى وِزَانِ مَا تَقَدَّمَ وَيُوقَفُ الْجَمِيعُ، (وَإِنْ اخْتَلَفَ) تَارِيخُهُمَا (لَزِمَهُ الثَّمَنَانِ) لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بِانْتِقَالِ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ الثَّانِي بِأَنْ يَسَعَهُ مَا بَيْنَ التَّارِيخَيْنِ (وَكَذَا) يَلْزَمُهُ الثَّمَنَانِ (إنْ أَطْلَقَتَا أَوْ) أَطْلَقَتْ (إحْدَاهُمَا) وَأَرَّخَتْ الْأُخْرَى (فِي الْأَصَحِّ) لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ وَالثَّانِي يَقُولُ بِتَعَارُضِهِمَا فَيَحْلِفُ عَلَى قَوْلِ السُّقُوطِ يَمِينَيْنِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنَيْنِ وَعَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ مَا تَقَدَّمَ.
(وَلَوْ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَاتَ عَلَى دِينِي فَإِنْ عَرَفَ أَنَّهُ كَانَ نَصْرَانِيًّا صُدِّقَ النَّصْرَانِيُّ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُفْرِهِ، (فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ مُطْلَقَتَيْنِ) بِمَا قَالَاهُ (قُدِّمَ الْمُسْلِمُ)؛ لِأَنَّ مَعَ بَيِّنَتِهِ زِيَادَةُ عِلْمٍ وَهُوَ انْتِقَالُهُ مِنْ النَّصْرَانِيَّةِ (وَإِنْ قَيَّدَتْ) إحْدَاهُمَا (أَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ إسْلَامٌ وَعَكَسَتْهُ الْأُخْرَى) كَقَوْلِهِمْ: ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ (تَعَارَضَتَا)، وَكَذَا إنْ قَيَّدَتْ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ فَقَطْ فَعَلَى قَوْلِ السُّقُوطِ يُصَدَّقُ النَّصْرَانِيُّ بِيَمِينِهِ وَعَلَى الْقُرْعَةِ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ فَلَهُ التَّرِكَةُ وَعَلَى الْقِسْمَةِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَعَلَى الْوَقْفِ يُوقَفُ، (وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ دِينَهُ وَأَقَامَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (بَيِّنَةً أَنَّهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ تَعَارَضَتَا) أَطْلَقْنَا أَوْ قَيَّدْنَا بِمِثْلِ مَا ذُكِرَ أَوْ قَيَّدَتْ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ فَقَطْ، فَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ عَلَى الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ (وَلَوْ مَاتَ نَصْرَانِيٌّ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ فَقَالَ الْمُسْلِمُ أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْمِيرَاثُ بَيْنَنَا، وَقَالَ النَّصْرَانِيُّ بَلْ قَبْلَهُ) فَلَا تَرِثُهُ (صُدِّقَ الْمُسْلِمُ بِيَمِينِهِ)؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى دِينِهِ (وَإِنْ أَقَامَاهُمَا) أَيْ الْبَيِّنَتَيْنِ بِمَا قَالَاهُ (قُدِّمَ النَّصْرَانِيُّ)؛ لِأَنَّ مَعَ بَيِّنَتِهِ زِيَادَةَ عِلْمٍ بِالِانْتِقَالِ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ فَهِيَ نَاقِلَةٌ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ لِدِينِهِ، (فَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى إسْلَامِ الِابْنِ فِي رَمَضَانَ وَقَالَ الْمُسْلِمُ مَاتَ الْأَبُ فِي شَعْبَانَ وَقَالَ النَّصْرَانِيُّ فِي شَوَّالٍ صُدِّقَ النَّصْرَانِيُّ)؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ، (وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى بَيِّنَتِهِ) أَقَامَا هُمَا بِمَا قَالَاهُ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ مِنْ الْحَيَاةِ إلَى الْمَوْتِ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ لِلْحَيَاةِ، (وَلَوْ مَاتَ عَنْ أَبَوَيْنِ كَافِرَيْنِ وَابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَقَالَ كُلٌّ) مِنْ الْفَرِيقَيْنِ (مَاتَ عَلَى دِينِنَا صُدِّقَ الْأَبَوَانِ بِالْيَمِينِ)؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ فِي الِابْتِدَاءِ تَبَعًا لَهُمَا فَيُسْتَصْحَبُ حَتَّى يُعْلَمَ خِلَافُهُ (وَفِي قَوْلٍ يُوقَفُ الْأَمْرُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَوْ يَصْطَلِحُوا) وَالتَّبَعِيَّةُ تَزُولُ بِالْبُلُوغِ وَفِي وَجْهٍ يُصَدَّقُ الِابْنَانِ بِالْيَمِينِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الدَّارِ الْإِسْلَامُ.
(وَلَوْ شَهِدَتْ) بَيِّنَةٌ (أَنَّهُ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ سَالِمًا وَأُخْرَى) أَنَّهُ أَعْتَقَ (غَانِمًا وَكُلُّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (ثُلُثُ مَالِهِ فَإِنْ اخْتَلَفَ تَارِيخٌ) لِلْبَيِّنَتَيْنِ (قُدِّمَ الْأَسْبَقُ) تَارِيخًا (وَإِنْ اتَّحَدَ) التَّارِيخُ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا (وَإِنْ أَطْلَقَتَا) أَوْ إحْدَاهُمَا (قِيلَ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْبَغَوِيُّ (وَقِيلَ فِي قَوْلٍ يَعْتِقُ مِنْ كُلٍّ نِصْفُهُ) ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْإِمَامُ (قُلْت الْمَذْهَبُ يَعْتِقُ مِنْ كُلٍّ نِصْفُهُ) الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِتَرْجِيحٍ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) جَمْعًا بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ، (وَلَوْ شَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ سَالِمٍ وَهُوَ ثُلُثُهُ) أَيْ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ (وَوَارِثَانِ حَائِزَانِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَوَصَّى بِعِتْقِ غَانِمٍ وَهُوَ ثُلُثٌ ثَبَتَتْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ (لِغَانِمٍ) دُونَ سَالِمٍ، وَارْتَفَعَتْ التُّهْمَةُ فِي الشَّهَادَةِ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ بِذِكْرِ بَدَلٍ يُسَاوِيهِ، (فَإِنْ كَانَ الْوَارِثَانِ فَاسِقَيْنِ لَمْ يَثْبُتْ الرُّجُوعُ فَيَعْتِقُ سَالِمٌ) بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ، (وَمِنْ غَانِمٍ ثُلُثُ مَالِهِ) أَيْ الْمُوصِي أَيْ قَدْرُ ثُلُثِ مَالِهِ (بَعْدَ سَالِمٍ) بِإِقْرَارِ الْوَارِثِينَ الَّذِي تَضَمَّنَهُ شَهَادَتُهُمَا لَهُ وَهُوَ ثُلُثَاهُ وَكَأَنَّ سَالِمًا هَلَكَ أَوْ غَصَبَ مِنْ التَّرِكَةِ وَلَوْ كَانَ الْوَارِثَانِ غَيْرَ حَائِزَيْنِ عَتَقَ مِنْ غَانِمٍ قَدْرُ ثُلُثِ حِصَّتِهِمَا.

. فَصْلٌ:

فِي الْقَائِفِ الْمُلْحِقِ لِلنَّسَبِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ مَا خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ مِنْ عِلْمِ ذَلِكَ (شَرْطُ الْقَائِفِ) لِيُعْمَلَ بِقَوْلِهِ فِيمَا ذَكَرَ (مُسْلِمٌ عَدْلٌ مُجَرِّبٌ) بِأَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ وَلَدٌ فِي نِسْوَةٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمُّهُ ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ أُخَرَ، كَذَلِكَ ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ أُخَرَ كَذَلِكَ ثُمَّ صِنْفٍ رَابِعٍ فِيهِنَّ أُمُّهُ وَيُصِيبُ فِي الْكُلِّ وَالْأَصَحُّ إلْحَاقُ الْأَبِ بِالْأُمِّ فِي عَرْضِ الْوَلَدِ مَعَهُ فِي رِجَالٍ وَمِنْهُمْ مَنْ اكْتَفَى بِالْعَرْضِ مَرَّةً وَقَالَ الْإِمَامُ الْعِبْرَةُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَقَدْ تَحْصُلُ بِدُونِ ثَلَاثٍ (وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ حُرٍّ ذَكَرٍ) كَالْقَاضِي، وَالثَّانِي لَا كَالْمُفْتِي (لَا عَدَدٌ) كَالْقَاضِي وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ كَالْمُزَكِّي (وَلَا كَوْنُهُ مُدْلِجِيًّا) أَيْ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ فَيَجُوزُ كَوْنُهُ مِنْ سَائِرِ الْعَرَبِ وَمِنْ الْعَجَمِ وَالْمُشْتَرَطُ وَقْفُ مَعَ مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ مَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ «عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسْرُورًا فَقَالَ أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا عَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَقَدْ بَدَتْ أَقْدَامُهَا فَقَالَ إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ» (فَإِذَا تَدَاعَيَا مَجْهُولًا) لَقِيطًا أَوْ غَيْرَهُ، (عُرِضَ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَائِفِ فَمَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ لَحِقَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ اللَّقِيطِ (وَكَذَا لَوْ اشْتَرَكَا فِي وَطْءٍ) لِامْرَأَةٍ (فَوَلَدَتْ مُمْكِنًا مِنْهُمَا وَتَنَازَعَاهُ بِأَنْ وَطِئَا بِشُبْهَةٍ) كَأَنْ وَجَدَهَا كُلٌّ بِفِرَاشِهِ فَظَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ، (أَوْ) وَطِئَا (مُشْتَرَكَةً لَهُمَا وَلَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ وَطَلَّقَ فَوَطِئَهَا آخَرُ بِشُبْهَةٍ أَوْ) فِي (نِكَاحٍ فَاسِدٍ) كَأَنْ نَكَحَهَا فِي الْعِدَّةِ جَاهِلًا بِهَا (أَوْ) وَطِئَ (أَمَةً فَبَاعَهَا فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَكَذَا لَوْ وَطِئَ) بِشُبْهَةٍ (مَنْكُوحَةً) وَوَلَدَتْ تَمَكُّنًا مِنْهُ وَمِنْ زَوْجِهَا يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَلْحَقُ الزَّوْجَ؛ لِأَنَّهَا فِرَاشُهُ، (فَإِذَا وَلَدَتْ) الْمَوْطُوءَةُ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ، (لِمَا بَيْنَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَطْئَيْهِمَا) وَلَدًا (وَادَّعَيَاهُ عُرِضَ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَائِفِ فَيَلْحَقُ مَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ مِنْهُمَا (فَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْنَ وَطْئَيْهِمَا حَيْضَةٌ فَلِلثَّانِي) الْوَلَدُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ زَوْجًا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ) وَالثَّانِي وَاطِئًا بِشُبْهَةٍ أَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَلَا يَنْقَطِعُ تَعَلُّقُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ إمْكَانَ الْوَطْءِ مَعَ فِرَاشِ النِّكَاحِ قَائِمٌ مَقَامَ نَفْسِ الْوَطْءِ وَالْإِمْكَانُ حَاصِلٌ بَعْدَ الْحَيْضَةِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ زَوْجًا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ انْقَطَعَ تَعَلُّقُهُ فِي الْأَظْهَرِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَصِيرُ فِرَاشًا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إلَّا بِحَقِيقَةِ الْوَطْءِ، (وَسَوَاءٌ فِيهِمَا) أَيْ الْمُتَنَازِعَيْنِ فِيمَا ذُكِرَ (اتَّفَقَا إسْلَامًا وَحُرِّيَّةً أَمْ لَا) كَمُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ وَحُرٍّ وَعَبْدٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ اللَّقِيطِ.

. كتاب العتق:

بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ (إنَّمَا يَصِحُّ مِنْ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ وَيَصِحُّ مِنْ ذِمِّيٍّ وَحَرْبِيٍّ (وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) بِصِفَةٍ (وَإِضَافَتُهُ إلَى جُزْءٍ) شَائِعٍ كَالرُّبُعِ أَوْ مُعَيَّنٍ كَالْيَدِ مِنْ الرَّقِيقِ (فَيَعْتِقُ كُلُّهُ) دَفْعَةً أَوْ سِرَايَةً وَجْهَانِ وَسَوَاءٌ الْمُوسِرُ وَغَيْرُهُ.
(وَصَرِيحُهُ تَحْرِيرٌ وَإِعْتَاقٌ، وَكَذَا فَكُّ رَقَبَةٍ فِي الْأَصَحِّ) لِوُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ وَالثَّانِي هُوَ كِنَايَةٌ لِاسْتِعْمَالِهِ فِي غَيْرِ الْعِتْقِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ الصِّيَغُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْمُشْتَقَّاتِ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ، نَحْوُ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ مُحَرَّرٌ أَوْ حَرَّرْتُك أَوْ عَتِيقٌ أَوْ مُعْتَقٌ أَوْ أَعْتَقْتُكَ أَوْ فَكِيكُ الرَّقَبَةِ إلَى آخِرِهِ، (وَلَا يَحْتَاجُ) الصَّرِيحُ (إلَى نِيَّةٍ وَيَحْتَاجُ إلَيْهَا كِنَايَةٌ وَهِيَ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْكَ لَا سُلْطَانَ) أَيْ لِي عَلَيْكَ (لَا سَبِيلَ) أَيْ لِي عَلَيْكَ (لَا خِدْمَةَ) أَيْ لِي عَلَيْكَ (أَنْتَ) بِفَتْحِ التَّاءِ (سَائِبَةٌ أَنْتَ مَوْلَايَ) لِاشْتِرَاكِهِ بَيْنَ الْعَتِيقِ وَالْمُعْتِقِ، (وَكَذَا كُلُّ صَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ لِلطَّلَاقِ) أَيْ كِنَايَةٌ هُنَا فِيمَا هُوَ صَالِحٌ فِيهِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِلْعَبْدِ: اعْتَدَّ أَوْ اسْتَبْرِئْ رَحِمَكَ وَنَوَى الْعِتْقَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ، (وَقَوْلُهُ لِعَبْدِهِ أَنْت حُرَّةٌ وَلِأَمَتِهِ أَنْت حُرٌّ صَرِيحٌ) وَلَا أَثَرَ لِلْخَطَأِ فِي التَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ (وَلَوْ قَالَ عِتْقُكَ إلَيْكَ أَوْ خَيَّرْتُكَ وَنَوَى تَفْوِيضَ الْعِتْقِ إلَيْهِ فَأَعْتَقَ نَفْسَهُ فِي الْمَجْلِسِ عَتَقَ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْحَالِ بَدَلَ الْمَجْلِسِ (أَوْ) قَالَ (أَعْتَقْتُكَ عَلَى أَلْفٍ أَوْ أَنْت حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَ) فِي الْحَالِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، (أَوْ قَالَ لَهُ الْعَبْدُ أَعْتِقْنِي عَلَى أَلْفِ فَأَجَابَهُ عَتَقَ فِي الْحَالِ وَلَزِمَهُ الْأَلْفُ) فِي الثَّلَاثِ (وَلَوْ قَالَ بِعْتُكَ نَفْسَكَ بِأَلْفٍ، فَقَالَ اشْتَرَيْت فَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْبَيْعِ وَيَعْتِقُ فِي الْحَالِ وَعَلَيْهِ أَلْفٌ وَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ)، وَنَقَلَ الرَّبِيعُ قَوْلًا أَثْبَتَهُ بَعْضٌ دُونَ بَعْضٍ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فَفِيهِ طَرِيقَانِ.
(وَلَوْ قَالَ لِحَامِلٍ أَعْتَقْتُكِ أَوْ أَعْتَقْتُكِ دُونَ حَمْلَكِ عَتَقَا)؛ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهَا وَلِقُوَّةِ الْعِتْقِ لَمْ يَبْطُلْ فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فِيهَا كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ أَعْتَقَهُ) أَيْ الْحَمْلَ (عَتَقَ دُونَهَا) وَلَوْ أَعْتَقَهُمَا عَتَقَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَيَبْطُلُ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ وَالْحَمْلُ لِآخَرَ لَمْ يَعْتِقْ أَحَدُهُمَا بِعِتْقِ الْآخَرِ) وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَوَاخِرَ الْبَابِ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِجَارِيَتِهِ وَحَمْلُهَا مُضْغَةٌ أَعْتَقْت مُضْغَتَكِ كَانَ لَغْوًا؛ لِأَنَّ إعْتَاقَ مَا لَمْ يُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ لَا يَصِحُّ (وَإِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا عَبْدٌ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا كُلَّهُ أَوْ نَصِيبَهُ عَتَقَ نَصِيبُهُ، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا بَقِيَ الْبَاقِي لِشَرِيكِهِ وَإِلَّا سَرَى إلَيْهِ أَوْ إلَى مَا أَيْسَرَ بِهِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ ذَلِكَ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ وَتَقَعُ السِّرَايَةُ بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ وَفِي قَوْلٍ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ وَفِي قَوْلٍ إنْ دَفَعَهَا بَانَ أَنَّهَا بِالْإِعْتَاقِ) وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهَا أَبَانَ أَنَّهُ لَمْ يُعْتِقْ الْأَصْلَ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ» وَيُقَاسُ الْمُوسِرُ بِبَعْضِ الْبَاقِي عَلَى الْمُوسِرِ بِكَافِي السِّرَايَةِ إلَيْهِ، وَقِيلَ لَا يَسْرِي إلَيْهِ اقْتِصَارًا عَلَى الْوَارِدِ فِي الْحَدِيثِ، (وَاسْتِيلَادُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْمُوسِرِ يَسْرِي وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ وَتَجْرِي الْأَقْوَالُ فِي حُصُولِ وَقْتِ السِّرَايَةِ فَعَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ لَا تَجِبُ قِيمَةُ حِصَّتِهِ مِنْ الْوَلَدِ) وَعَلَى الثَّانِي تَجِبُ (وَلَا يَسْرِ تَدْبِيرٌ) مِنْ أَحَدِهِمَا لِنَصِيبِهِ إلَى الْبَاقِي، (وَلَا يَمْنَعُ السِّرَايَةَ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فِي الْأَظْهَرِ) لِنُفُوذِ تَصَرُّفِ الْمَدِينِ فِيمَا بِيَدِهِ الْمَمْلُوكُ لَهُ وَالثَّانِي يَقُولُ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ غَيْرُ مُوسِرٍ (وَلَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ الْمُوسِرِ أَعْتَقْت نَصِيبَك فَعَلَيْكَ قِيمَةَ نَصِيبِي فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَلَا يَعْتِقُ نَصِيبُهُ وَيَعْتِقُ نَصِيبُ الْمُدَّعِي بِإِقْرَارِهِ إنْ قُلْنَا يَسْرِي بِالْإِعْتَاقِ وَلَا يَسْرِي إلَى نَصِيبِ الْمُنْكِرِ) وَلَا يَعْتِقُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ، (وَلَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ إنْ أَعْتَقْت نَصِيبَكَ فَنَصِيبِي حُرٌّ بَعْدَ نَصِيبِكَ فَأَعْتَقَ الشَّرِيكُ وَهُوَ مُوسِرٌ سَرَى إلَى نَصِيبِ الْأَوَّلِ إنْ قُلْنَا السِّرَايَةُ بِالْإِعْتَاقِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّبَيُّنِ فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا أُدِّيَتْ الْقِيمَةُ وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَدَاءِ فَنَصِيبُ الْمُعَلِّقِ عَمَّنْ يَعْتِقُ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا عَنْهُ، وَالثَّانِي عَنْ الْمُعْتِقِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَبَنَيَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ بَعْدَ إعْتَاقِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْأَدَاءِ تَفْرِيعًا عَلَى قَوْلِهِ أَحَدُهُمَا يَعْتِقُ عَنْهُ، وَالْأَصَحُّ عَنْ الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَقَوْلُهُ وَهُوَ مُوسِرٌ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْمُعْسِرِ فَلَا يَسْرِي عَلَيْهِ وَعَتَقَ عَلَى الْمُعَلِّقِ نَصِيبَهُ، (وَلَوْ قَالَ) لِشَرِيكِهِ إنْ أَعْتَقْت نَصِيبَكَ (فَنَصِيبِي حُرٌّ قَبْلَهُ فَأَعْتَقَ الشَّرِيكُ فَإِنْ كَانَ الْمُعَلِّقُ مُوسِرًا عَتَقَ نَصِيبُ كُلٍّ عَنْهُ وَالْوَلَاءُ لَهُمَا، وَكَذَا إنْ كَانَ مُوسِرًا وَأَبْطَلْنَا الدَّوْرَ) وَهُوَ الْأَصَحُّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ صَحَّحْنَاهُ (فَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ)؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَتَقَ نَصِيبُ الْمُنْجِزِ لَعَتَقَ قَبْلَهُ نَصِيبُ الْمُعَلِّقِ، وَسَرَى عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى تَرَتُّبِ السِّرَايَةِ عَلَى الْعِتْقِ فَلَا يَعْتِقُ نَصِيبُ الْمُنْجِزِ فَيَلْزَمُ مِنْ الْقَوْلِ بِعِتْقِهِ عَدَمُ عِتْقِهِ، وَفِيمَا ذُكِرَ دَوْرٌ وَهُوَ تَوَقُّفُ الشَّيْءِ عَلَى مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وَهُوَ دَوْرٌ لَفْظِيٌّ وَلَوْ قَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ فَنَصِيبِي حُرٌّ مَعَ عِتْقِ نَصِيبِكَ فَأَعْتَقَهُ وَقُلْنَا السِّرَايَةُ بِالْإِعْتَاقِ فَفِي وَجْهٍ يَعْتِقُ عَلَى الْمُنْجِزِ جَمِيعُهُ، وَيَلْغُو ذِكْرُ مَعَ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ يَتَأَخَّرُ عَنْ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَالْأَصَحُّ يَعْتِقُ عَلَى كُلٍّ نَصِيبُهُ نَظَرًا لِاعْتِبَارِ الْمَعِيَّةِ الْمَانِعِ لِلسِّرَايَةِ.
(وَلَوْ كَانَ عَبْدٌ لِرَجُلٍ نِصْفُهُ وَلِآخَرَ ثُلُثُهُ وَلِآخَرَ سُدُسُهُ فَأَعْتَقَ الْآخَرَانِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ (نَصِيبَهُمَا) بِالتَّثْنِيَةِ (مَعًا) بِأَنْ عَلَّقَا الْعِتْقَ بِشَرْطٍ وَاحِدٍ أَوْ وَكَّلَا مَنْ أَعْتَقَهُمَا دَفْعَةً وَهُمَا مُوسِرَانِ، (فَالْقِيمَةُ) لِلنِّصْفِ الَّذِي سَرَى إلَيْهِ الْعِتْقُ (عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ عَلَى الْمَذْهَبِ)؛ لِأَنَّ سَبِيلَهَا سَبِيلُ ضَمَانِ الْمُتْلَفِ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي الْقِيمَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ الْمِلْكَيْنِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ فِي الشُّفْعَةِ (وَشَرْطُ السِّرَايَةِ إعْتَاقُهُ بِاخْتِبَارِهِ فَلَوْ وَرِثَ بَعْضَ وَلَدِهِ لَمْ يَسْرِ) عِتْقُهُ عَلَيْهِ إلَى بَاقِيهِ، (وَالْمَرِيضُ مُعْسِرٌ إلَّا فِي ثُلُثِ مَالِهِ) فَإِذَا أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا نَصِيبُهُ فَلَا سِرَايَةَ عَلَيْهِ، (وَالْمَيِّتُ مُعْسِرٌ فَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ نَصِيبِهِ) مِنْ عَبْدٍ فَأَعْتَقَ بَعْدَ مَوْتِهِ (لَمْ يَسْرِ) وَإِنْ خَرَجَ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ لِانْتِقَالِ الْمَالِ غَيْرِ الْمُوصَى بِهِ بِالْمَوْتِ إلَى الْوَارِثِ.

. فَصْلٌ:

(إذَا مَلَكَ أَهْلُ تَبَرُّعٍ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعَهُ عَتَقَ) عَلَيْهِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَنْ يُجْزِئَ وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ» أَيْ بِالشِّرَاءِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَالَ تَعَالَى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} دَلَّ عَلَى نَفْيِ اجْتِمَاعِ الْوَلَدِيَّةِ وَالْعَبْدِيَّةِ وَسَوَاءٌ فِي الْأَصْلِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَإِنْ عَلَوْا وَفِي الْفَرْعِ كَذَلِكَ وَإِنْ سَفَلَا وَسَوَاءٌ الْمِلْكُ الِاخْتِيَارِيُّ بِالشِّرَاءِ وَنَحْوِهِ وَالْقَهْرِيُّ بِالْإِرْثِ وَلَا يَعْتِقُ غَيْرُ الْأَصْلِ، وَالْفَرْعِ مِنْ الْأَقَارِبِ وَقَوْلُهُ أَهْلُ تَبَرُّعٍ لَمْ يُقْصَدْ لَهُ مَفْهُومٌ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ الْعِتْقِ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَلَيْسَا مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ، (وَلَا يَشْتَرِي لِطِفْلٍ قَرِيبَهُ) الَّذِي يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَيْ لَا يَصِحُّ اشْتِرَاؤُهُ (وَلَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ وُصِّيَ لَهُ) بِهِ (فَإِنْ كَانَ كَاسِبًا فَعَلَى الْوَلِيِّ قَبُولُهُ وَيَعْتِقُ) عَلَى الطِّفْلِ (وَيُنْفَقُ مِنْ كَسْبِهِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْقَرِيبُ كَاسِبًا (فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مُعْسِرًا وَجَبَ) عَلَى الْوَلِيِّ (الْقَبُولُ وَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مُوسِرًا حَرُمَ) الْقَبُولُ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ الصَّبِيُّ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ (وَلَوْ مَلَكَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ قَرِيبَهُ بِلَا عِوَضٍ) كَأَنْ وَرِثَهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ (عَتَقَ) عَلَيْهِ (مِنْ ثُلُثِهِ وَقِيلَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) لِحُصُولِهِ بِلَا مُقَابِلٍ وَعَبَّرَ فِيهِ فِي الرَّوْضَةِ بِالْأَصَحِّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ إنَّهُ أَوْلَى بِالتَّرْجِيحِ (أَوْ بِعِوَضٍ بِلَا مُحَابَاةٍ فَمِنْ ثُلُثِهِ) يَعْتِقُ (وَلَا يَرِثُ)؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ مِنْ الثُّلُثِ وَصِيَّةٌ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْإِرْثِ، (فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقِيلَ لَا يَصِحُّ الشِّرَاءُ)؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ، (وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ) إذْ لَا خَلَّ فِيهِ (وَلَا يَعْتِقُ بَلْ يُبَاعُ لِلدَّيْنِ) فَهُوَ مَانِعٌ مِنْ عِتْقِهِ، (أَوْ بِمُحَابَاةٍ فَقَدْرُهَا كَهِبَةٍ) فَتَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ وَقِيلَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَالْبَاقِي مِنْ الثُّلُثِ) (وَلَوْ وُهِبَ لِعَبْدٍ بَعْضُ قَرِيبِ سَيِّدِهِ فَقَبِلَ وَقُلْنَا يَسْتَقِلُّ بِهِ) أَيْ بِالْقَبُولِ وَهُوَ الْأَصَحُّ الْمَذْكُورُ فِي بَابِ مُعَامَلَاتِ الْعَبِيدِ، (عَتَقَ وَسَرَى وَعَلَى سَيِّدِهِ قِيمَةُ بَاقِيهِ)؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَهُ هِبَةٌ لِسَيِّدِهِ وَقَبُولُهُ كَقَبُولِ سَيِّدِهِ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْرِي؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا كَالْإِرْثِ وَفِيهَا كَأَصْلِهَا فِي كِتَابِ الْكِتَابَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ الرَّابِعِ تَصْحِيحُهُ وَحِكَايَةُ الْأَوَّلِ وَجْهًا فِي الْوَسِيطِ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالسَّيِّدِ لُزُومُ النَّفَقَةِ انْتَهَى وَالْأَوَّلُ جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيُّ فِي التَّهْذِيبِ هُنَا وَشَيْخُهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي كِتَابِ اللَّقِيطِ.
(فَصْلٌ):
إذَا (أَعْتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَبْدًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ)؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ تَبَرُّعٌ مُعْتَبَرٌ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا (فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَمْ يَعْتِقْ شَيْءٌ مِنْهُ)؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ وَصِيَّةٌ، وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا (وَلَوْ أَعْتَقَ ثَلَاثَةً لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمْ قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ) دَفْعَةً كَقَوْلِهِ أَعْتَقْتُكُمْ، (عَتَقَ أَحَدُهُمْ بِقُرْعَةٍ، وَكَذَا لَوْ قَالَ أَعْتَقْت ثُلُثَكُمْ أَوْ ثُلُثُكُمْ حُرٌّ وَلَوْ قَالَ أَعْتَقْت ثُلُثَ كُلِّ عَبْدٍ) مِنْكُمْ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ إعْتَاقَ بَعْضِ الْعَبْدِ كَإِعْتَاقِ كُلِّهِ فَيَكُونُ كَمَا لَوْ قَالَ أَعْتَقْتُكُمْ (وَقِيلَ يَعْتِقُ مِنْ كُلٍّ ثُلُثُهُ) فَقَطْ فَلَا إقْرَاعَ، (وَالْقُرْعَةُ أَنْ يُؤْخَذَ ثَلَاثُ رِقَاعٍ مُتَسَاوِيَةٍ يُكْتَبُ فِي ثِنْتَيْنِ) مِنْهَا (رِقٌّ وَفِي وَاحِدَةٍ عِتْقٌ وَتُدْرَجُ فِي بَنَادِقَ كَمَا سَبَقَ) فِي بَابِ الْقِسْمَةِ (وَتُخْرَجُ وَاحِدَةٌ بِاسْمِ أَحَدِهِمْ فَإِنْ خَرَجَ الْعِتْقُ عَتَقَ وَرَقَّ الْآخَرَانِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ (أَوْ الرِّقُّ رَقَّ وَأُخْرِجَتْ أُخْرَى بِاسْمِ آخَرَ) فَإِنْ خَرَجَ الْعِتْقُ عَتَقَ وَرَقَّ الثَّالِثُ وَإِنْ خَرَجَ الرِّقُّ رَقَّ وَعَتَقَ الثَّالِثُ، (وَيَجُوزُ أَنْ تُكْتَبَ أَسْمَاؤُهُمْ) فِي الرِّقَاعِ (ثُمَّ تُخْرَجُ رُقْعَةٌ عَلَى الْحُرِّيَّةِ فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ عَتَقَ وَرَقَّا) أَيْ الْبَاقِيَانِ (وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً قِيمَةُ وَاحِدٍ مِائَةٌ وَآخَرَ مِائَتَانِ وَآخَرَ ثَلَاثُمِائَةٍ أُقْرِعَ) بَيْنَهُمْ (بِسَهْمَيْ رِقٍّ وَسَهْمِ عِتْقٍ) لِيُكْتَبَ فِي رُقْعَتَيْنِ رِقٌّ وَفِي وَاحِدَةٍ عِتْقٌ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ خَرَجَ الْعِتْقُ لِذِي الْمِائَتَيْنِ عَتَقَ وَرَقَّا) أَيْ الْبَاقِيَانِ (أَوْ لِلثَّالِثِ عَتَقَ ثُلُثَاهُ) وَرَقَّ بَاقِيهِ الْآخَرَانِ أَوْ لِلْأَوَّلِ عَتَقَ، (ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ بِسَهْمِ رِقٍّ وَسَهْمِ عِتْقٍ) فِي رُقْعَتَيْنِ (فَمَنْ خَرَجَ) الْعِتْقُ عَلَى اسْمِهِ مِنْهُمَا، (تَمَّمَ مِنْهُ الثُّلُثَ) فَإِنْ كَانَ الْمِائَتَيْنِ عَتَقَ نِصْفٌ أَوْ ذَا الثَّلَاثِمِائَةِ عَتَقَ ثُلُثُهُ وَرَقَّ الْبَاقِي وَالْآخَرُ وَإِنْ كُتِبَ فِي الرِّقَاعِ أَسْمَاؤُهُمْ فَإِنْ خَرَجَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ اسْمُ ذِي الْمِائَةِ عَتَقَ وَتَمَّمَ لِثُلُثٍ مِمَّنْ خَرَجَ اسْمُهُ بَعْدَهُ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ كَانُوا فَوْقَ ثَلَاثَةٍ وَأَمْكَنَ تَوْزِيعُهُمْ بِالْعَدَدِ وَالْقِيمَةِ) فِي جَمِيعِ الْأَجْزَاءِ (كَسِتَّةٍ قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ جُعِلُوا اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ) أَيْ جُعِلَ كُلُّ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ جُزْءً وَصُنِعَ كَمَا سَبَقَ فِي الثَّلَاثَةِ الْمُتَسَاوِيَةِ الْقِيمَةِ، (أَوْ بِالْقِيمَةِ دُونَ الْعَدَدِ كَسِتَّةٍ قِيمَةُ أَحَدِهِمْ مِائَةٌ وَقِيمَةُ اثْنَيْنِ مِائَةٌ وَ) قِيمَةُ (ثَلَاثَةٍ مِائَةٌ جُعِلَ الْأَوَّلُ وَالِاثْنَانِ جُزْءًا وَالثَّلَاثَةُ جُزْءًا) وَأُقْرِعَ بَيْنَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ وَفِي عِتْقِ الِاثْنَيْنِ إنْ خَرَجَ وَافَقَ ثُلُثُ الْعَدَدِ ثُلُثَ الْقِيمَةِ فَقَوْلُهُ دُونَ الْعَدَدِ صَادِقٌ بِبَعْضِ الْأَجْزَاءِ فِي مُقَابَلَتِهِ لِلْمُثْبَتِ قَبْلَهُ فِي جَمِيعِ الْأَجْزَاءِ وَلَا يَتَأَتَّى التَّوْزِيعُ بِالْعَدَدِ دُونَ الْقِيمَةِ (وَإِنْ تَعَذَّرَ بِالْقِيمَةِ) مَعَ الْعَدَدِ (كَأَرْبَعَةٍ قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ فَفِي قَوْلٍ يُجَزَّءُونَ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ وَاحِدٌ) جُزْءٌ (وَوَاحِدٌ) جُزْءٌ (وَاثْنَانِ) جُزْءٌ (فَإِنْ خَرَجَ الْعِتْقُ لِوَاحِدٍ عَتَقَ ثُمَّ أُقْرِعَ لِتَتْمِيمِ الثُّلُثِ) بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَثْلَاثًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّهْذِيبِ فَمَنْ خَرَجَ لَهُ سَهْمُ الْعِتْقِ عَتَقَ ثُلُثُهُ (أَوْ) خَرَجَ الْعِتْقُ (لِلِاثْنَيْنِ رَقَّ الْآخَرَانِ ثُمَّ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ، (فَيَعْتِقُ مَنْ خَرَجَ لَهُ الْعِتْقُ وَثُلُثُ الْآخَرِ وَفِي قَوْلٍ يُكْتَبُ اسْمُ كُلِّ عَبْدٍ فِي رُقْعَةٍ) وَيُخْرِجُ عَلَى الْحُرِّيَّةِ رُقْعَةً ثُمَّ أُخْرَى (فَيَعْتِقُ مَنْ خَرَجَ أَوَّلًا وَثُلُثُ الثَّانِي قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (أَظْهَرُهُمَا الْأَوَّلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالْقَوْلَانِ فِي اسْتِحْبَابٍ وَقِيلَ إيجَابٍ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ وَالْأَصْلُ فِي الْقُرْعَةِ مَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ فَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَزَّأَهُمْ أَثْلَاثًا ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً» وَالظَّاهِرُ تَسَاوِي الْأَثْلَاثِ فِي الْقِيمَةِ.
(وَإِذَا أَعْتَقْنَا بَعْضَهُمْ بِقُرْعَةٍ فَظَهَرَ مَالٌ وَخَرَجَ كُلُّهُمْ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقُوا وَلَهُمْ كَسْبُهُمْ مِنْ يَوْمِ الْإِعْتَاقِ وَلَا يَرْجِعُ الْوَارِثُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ) إذْ لَا مُوجِبَ لِلرُّجُوعِ بِهِ (وَإِنْ خَرَجَ بِمَا ظَهَرَ عَبْدٌ آخَرُ) فِيمَا إذَا عَتَقَ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَاحِدٌ (أُقْرِعَ) بَيْنَ الْبَاقِينَ فَمَنْ خَرَجَ لَهُ الْعِتْقُ عَتَقَ (وَمَنْ عَتَقَ بِقُرْعَةٍ حُكِمَ بِعِتْقِهِ مِنْ يَوْمِ الْإِعْتَاقِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ حِينَئِذٍ وَلَهُ كَسْبُهُ مِنْ يَوْمِئِذٍ غَيْرَ مَحْسُوبٍ مِنْ الثُّلُثِ وَمَنْ بَقِيَ رَقِيقًا قُوِّمَ يَوْمَ الْمَوْتِ وَحُسِبَ مِنْ الثُّلُثَيْنِ هُوَ وَكَسْبُهُ الْبَاقِي قَبْلَ الْمَوْتِ لَا الْحَادِثُ بَعْدَهُ)؛ لِأَنَّهُ مِلْكُ الْوَارِثِ (فَلَوْ أَعْتَقَ ثَلَاثَةً لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمْ، قِيمَةِ كُلٍّ) مِنْهُمْ (مِائَةٌ فَكَسَبَ أَحَدُهُمَا مِائَةً) قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمْ (فَإِنْ خَرَجَ الْعِتْقُ لِلْكَاسِبِ عَتَقَ وَلَهُ الْمِائَةُ وَإِنْ خَرَجَ لِغَيْرِهِ عَتَقَ ثُمَّ أُقْرِعَ) بَيْنَ الْبَاقِيَيْنِ الْكَاسِبِ وَغَيْرِهِ، (فَإِنْ خَرَجَتْ) الْقُرْعَةُ (لِغَيْرِهِ عَتَقَ ثُلُثُهُ) لِضَمِيمَةِ مِائَةِ الْكَسْبِ (وَإِنْ خَرَجَتْ) الْقُرْعَةُ (لَهُ) أَيْ لِمَكَاسِبَ (عَتَقَ رُبُعُهُ وَتَبِعَهُ رُبُعُ كَسْبِهِ) وَيَكُونُ لِلْوَارِثِ الْبَاقِي مِنْهُ وَمِنْ كَسْبِهِ مَعَ الْعَبْدِ الْآخَرِ وَذَلِكَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ ضَعْفُ مَا عَتَقَ وَذَكَرَ فِي الْمُحَرَّرِ طَرِيقَةً بِالْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ فَقَالَ وَيُسْتَخْرَجُ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْجَبْرِ بِأَنْ يُقَالَ عَتَقَ مِنْ الثَّانِي شَيْءٌ وَتَبِعَهُ مِنْ الْكَسْبِ مِنْهُ غَيْرُ مَحْسُوبٍ مِنْ الثُّلُثِ فَبَقِيَ لِلْوَارِثِ ثَلَاثُمِائَةٍ سِوَى شَيْئَيْنِ تَعْدِلُ مِثْلَيْ مَا أَعْتَقْنَاهُ وَهُوَ مِائَةٌ وَشَيْءٌ فَمِثْلَاهُ مِائَتَانِ وَشَيْئَانِ وَذَلِكَ يُقَابِلُ ثَلَاثَمِائَةٍ سِوَى شَيْئَيْنِ فَتُجْبَرُ وَتُقَابَلُ، فَمِائَتَانِ وَأَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ تُقَابِلُ ثَلَاثَمِائَةٍ تُسْقِطُ الْمِائَتَيْنِ بِالْمِائَتَيْنِ فَيَبْقَى أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ فِي مُقَابَلَةِ مِائَةٍ فَالشَّيْءُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَعَلِمْنَا أَنَّ الَّذِي عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ رُبُعُهُ وَتَبِعَهُ مِنْ الْكَسْبِ رُبُعُهُ غَيْرَ مَحْسُوبٍ مِنْ الثُّلُثِ.
(فَصْلٌ): [فِي الْوَلَاءِ]
فِي الْوَلَاءِ (مَنْ عَتَقَ عَلَيْهِ رَقِيقٌ بِإِعْتَاقٍ أَوْ كِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ وَاسْتِيلَادٍ وَقَرَابَةٍ وَسِرَايَةٍ فَوَلَاؤُهُ لَهُ) أَمَّا بِالْإِعْتَاقِ فَلِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَأَمَّا بِغَيْرِهِ فَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ، (ثُمَّ لِعَصَبَتِهِ) الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ لِحَدِيثِ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْوَلَاءِ الْإِرْثُ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ (وَلَا تَرِثُ امْرَأَةٌ بِوَلَاءٍ إلَّا مِنْ عَتِيقِهَا وَأَوْلَادِهِ وَعُتَقَائِهِ) وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ (فَإِنْ عَتَقَ عَلَيْهَا أَبُوهًا ثُمَّ أَعْتَقَ عَبْدًا فَمَاتَ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ بِلَا وَارِثٍ فَمَالُهُ لِلْبِنْتِ)؛ لِأَنَّهُ عَتِيقُ عَتِيقِهَا، (وَالْوَلَاءُ لِأَعْلَى الْعَصَبَاتِ) كَابْنِ الْمُعْتِقِ مَعَ ابْنِ ابْنِهِ (وَمَنْ مَسَّهُ رِقٌّ فَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ إلَّا لِمُعْتِقِهِ وَعَصَبَتِهِ) فَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِمُعْتِقِ أَحَدٍ مِنْ أُصُولِهِ وَصُورَتُهُ أَنْ تَلِدَ رَقِيقَةٌ رَقِيقًا مِنْ رَقِيقٍ أَوْ حُرٍّ وَأُعْتِقَ الْوَلَدُ أَوْ أُعْتِقَ أَبَوَاهُ أَوْ أُمُّهُ، (وَلَوْ نَكَحَ عَبْدٌ مُعْتَقَةً فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَوَلَاؤُهُ لِمَوْلَى الْأُمِّ)؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ بِعِتْقِهَا، (فَإِنْ أُعْتِقَ الْأَبُ انْجَرَّ) الْوَلَاءُ (إلَى مَوَالِيهِ وَلَوْ مَاتَ الْأَبُ رَقِيقًا وَعَتَقَ الْجَدُّ انْجَرَّ إلَى مَوَالِيهِ فَإِنْ أُعْتِقَ الْجَدُّ وَالْأَبُ رَقِيقًا انْجَرَّ) إلَى مَوَالِيهِ أَيْضًا (فَإِنْ أُعْتِقَ الْأَبُ بَعْدَهُ انْجَرَّ) مِنْ مَوَالِي الْجَدِّ (إلَى مَوَالِيهِ وَقِيلَ) لَا يَنْجَرُّ إلَى مَوَالِي الْجَدِّ بَلْ (يَبْقَى لِمَوْلَى الْأُمِّ حَتَّى يَمُوتَ الْأَبُ فَيَنْجَرَّ إلَى مَوَالِي الْجَدِّ وَلَوْ مَلَكَ هَذَا الْوَلَدُ أَبَاهُ جَرَّ وَلَاءَ إخْوَتِهِ لِأَبِيهِ) مِنْ مَوْلَى الْأُمِّ (إلَيْهِ، وَكَذَا وَلَاءُ نَفْسِهِ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْأَبُ غَيْرَهُ ثُمَّ يَسْقُطُ وَيَصِيرُ كَحُرٍّ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ لَا يَجُرُّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَاءٌ.

. كتاب التدبير:

هُوَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِالْمَوْتِ الَّذِي هُوَ دُبُرُ الْحَيَاةِ (صَرِيحُهُ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ إذَا مُتُّ أَوْ مَتَى مُتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ أَعْتَقْتُك بَعْدَ مَوْتِي، وَكَذَا دَبَّرْتُك أَوْ أَنْتَ مُدَبَّرٌ عَلَى الْمَذْهَبِ) الْمَنْصُوصِ لِاشْتِهَارِهِ فِي مَعْنَاهُ وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقٍ ثَانٍ مُخْرِجٌ مِنْ الْكِتَابَةِ هُوَ كِنَايَةٌ لِخُلُوِّهِ عَنْ لَفْظِ الْعِتْقِ وَالْحُرِّيَّةِ، (وَيَصِحُّ بِكِنَايَةِ عِتْقٍ مَعَ نِيَّةٍ كَخَلَّيْتُ سَبِيلَكَ بَعْدَ مَوْتِي) بِنِيَّةِ الْعِتْقِ.
(وَيَجُوزُ) التَّدْبِيرُ (مُقَيَّدًا كَإِنْ مُتُّ فِي ذَا الشَّهْرِ أَوْ الْمَرَضِ فَأَنْتَ حُرٌّ) فَإِنْ مَاتَ عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا (وَمُعَلَّقًا كَإِنْ دَخَلْت) الدَّارَ (فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَإِنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ وَمَاتَ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا وَيُشْتَرَطُ الدُّخُولُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ) فِي حُصُولِ الْعِتْقِ (فَإِنْ قَالَ إنْ مُتُّ ثُمَّ دَخَلْت) الدَّارَ (فَأَنْتَ حُرٌّ اُشْتُرِطَ دُخُولٌ بَعْدَ الْمَوْتِ) فِي حُصُولِ الْعِتْقِ (وَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ بَيْعُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ) وَلَهُ كَسْبُهُ (وَلَوْ قَالَ إذَا مُتُّ وَمَضَى شَهْرٌ فَأَنْت حُرٌّ فَلِلْوَارِثِ اسْتِخْدَامُهُ فِي الشَّهْرِ لَا بَيْعُهُ) لِحَقِّ الْمَيِّتِ (وَلَوْ قَالَ إنْ شِئْت فَأَنْت مُدَبَّرٌ، أَوْ أَنْت حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي إنْ شِئْت اُشْتُرِطَتْ الْمَشِيئَةُ مُتَّصِلَةً) أَيْ عَلَى الْفَوْرِ (فَإِنْ قَالَ مَتَى شِئْت) بَدَلَ إنْ شِئْت (فَلِلتَّرَاخِي) وَتُشْتَرَطُ الْمَشِيئَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ، (وَلَوْ قَالَا لِعَبْدِهِمَا إذَا مُتْنَا فَأَنْت حُرٌّ لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَمُوتَا) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا، (فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لِوَارِثِهِ بَيْعُ نَصِيبِهِ) وَلَهُ إجَارَتُهُ ثُمَّ عِتْقُهُ بِمَوْتِهِمَا مَعًا قِيلَ عِتْقُ تَدْبِيرٍ، وَالصَّحِيحُ لَا لِتَعَلُّقِهِ بِمَوْتَيْنِ فَهُوَ عِتْقٌ بِحُصُولِ الصِّفَةِ وَفِي مَوْتِهِمَا مُرَتَّبًا قِيلَ لَا تَدْبِيرَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا يَصِيرُ نَصِيبُ الْآخَرِ مُدَبَّرًا وَنَصِيبُ الْمَيِّتِ لَا يَكُونُ مُدَبَّرًا.
(وَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُ مُكْرَهٍ وَمَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ لَا يُمَيِّزُ، وَكَذَا مُمَيَّزٌ فِي الْأَظْهَرِ)، وَالثَّانِي قَالَ لَا تَضْيِيعَ فِيهِ (وَيَصِحُّ مِنْ سَفِيهٍ) أَيْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ، (وَكَافِرٍ أَصْلِيٍّ) حَرْبِيٍّ أَوْ ذِمِّيٍّ (وَتَدْبِيرُ الْمُرْتَدِّ يُبْنَى عَلَى أَقْوَالِ مِلْكِهِ) فَعَلَى قَوْلِ بَقَائِهِ يَصِحُّ وَزَوَالِهِ لَا يَصِحُّ وَوَقْفِهِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ إنْ أَسْلَمَ بَانَ صِحَّتُهُ وَإِنْ مَاتَ مُرْتَدًّا بَانَ فَسَادَهُ (وَلَوْ دُبِّرَ ثُمَّ ارْتَدَّ لَمْ يَبْطُلْ) تَدْبِيرُهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ)، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي يَبْطُلُ وَالثَّالِثُ يُبْنَى عَلَى أَقْوَالِ مِلْكِهِ إنْ بَقِيَ لَمْ يَبْطُلْ أَوْ زَالَ بَطَلَ أَوْ وُقِفَ وَقَفَ، وَوَجْهُ الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ الصِّيَانَةُ لِحَقِّ الْعَبْدِ عَنْ الضَّيَاعِ، فَيَعْتِقُ إذَا مَاتَ السَّيِّدُ مُرْتَدًّا وَوَجْهُ الطَّرِيقِ الثَّانِي بِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَ التَّدْبِيرُ لَنَفَذَ الْعِتْقُ بِهِ مِنْ الثُّلُثِ وَشَرْطُ مَا يَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ بَقَاءُ الثُّلُثَيْنِ لِلْوَرَثَةِ وَمَالُ الْمُرْتَدِّ فَيْءٌ لَا إرْثٌ وَدُفِعَ بِأَنَّ الشَّرْطَ سَلَامَةُ الثُّلُثَيْنِ، لِلْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ وَرَثَةٍ أَوْ غَيْرِهِمْ، (وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُدَبَّرُ لَمْ يَبْطُلْ) تَدْبِيرُهُ فَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ مَوْتِهِ عَتَقَ.
(وَلِحَرْبِيٍّ حَمْلُ مُدَبَّرِهِ) الْكَافِرِ الْكَائِنِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ (إلَى دَارِهِمْ) بِخِلَافِ مُكَاتَبِهِ الْكَافِرِ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ لِاسْتِقْلَالِهِ، (وَلَوْ كَانَ لِكَافِرٍ عَبْدٌ مُسْلِمٌ فَدَبَّرَهُ نُقِضَ) تَدْبِيرُهُ أَيْ أُبْطِلَ (وَبِيعَ عَلَيْهِ)؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ عَنْهُ، وَهِيَ لَا تَحْصُلُ بِالتَّدْبِيرِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ فِي كِتَابَةِ الذِّمِّيِّ فِي أَثْنَاءِ تَعْلِيلٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَسْأَلَةَ هُنَا وَلَا هِيَ فِي الرَّوْضَةِ (وَلَوْ دَبَّرَ كَافِرٌ كَافِرًا فَأَسْلَمَ) الْعَبْدُ (وَلَمْ يَرْجِعْ السَّيِّدُ فِي تَدْبِيرٍ) بِالْقَوْلِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الرُّجُوعِ بِهِ الْآتِي، (نُزِعَ) الْعَبْدُ (مِنْ يَدِ سَيِّدِهِ) وَجُعِلَ عِنْدَ عَدْلٍ دَفْعًا لِلذُّلِّ عَنْهُ (وَصُرِفَ كَسْبُهُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى سَيِّدِهِ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى تَدْبِيرٍ لَا يُبَاعُ (وَفِي قَوْلٍ يُبَاعُ) عَلَيْهِ وَيَبْطُلُ التَّدْبِيرُ دَفْعًا لِإِذْلَالِهِ وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ بِتَوَقُّعِ الْحُرِّيَّةِ وَإِنْ رَجَعَ السَّيِّدُ فِي التَّدْبِيرِ بِالْقَوْلِ وَجَوَّزْنَا الرُّجُوعَ بِهِ بِيعَ عَلَيْهِ جَزْمًا وَظَاهِرٌ أَنَّ الْبَيْعَ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَلَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ (بَيْعُ الْمُدَبَّرِ)؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَاعَ مُدَبَّرَ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، (وَالتَّدْبِيرُ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ وَفِي قَوْلٍ وَصِيَّةٌ) لِلْعَبْدِ بِعِتْقِهِ (فَلَوْ بَاعَهُ) السَّيِّدُ، (ثُمَّ مَلَكَهُ لَمْ يُعَدْ التَّدْبِيرُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي قَوْلٍ عَلَى قَوْلِ التَّعْلِيقِ يَعُودُ عَلَى قَوْلِ عَوْدِ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ، (وَلَوْ رَجَعَ عَنْهُ بِقَوْلٍ كَأَبْطَلْتُهُ فَسَخْتُهُ بِقَبْضَتِهِ رَجَعْتُ فِيهِ صَحَّ إنْ قُلْنَا وَصِيَّةٌ وَإِلَّا فَلَا) يَصِحُّ (وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَ مُدَبَّرٍ بِصِفَةٍ صَحَّ) تَعْلِيقُهُ، (وَعَتَقَ بِالْأَسْبَقِ مِنْ الْمَوْتِ وَالصِّفَةِ) فَفِي سَبْقِ الْمَوْتِ الْعِتْقُ بِالتَّدْبِيرِ (وَلَهُ وَطْءُ مُدَبَّرَتِهِ وَلَا يَكُونُ رُجُوعًا) عَنْ التَّدْبِيرِ (فَإِنْ أَوْلَدَهَا بَطَلَ تَدْبِيرُهُ)؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ أَقْوَى مِنْهُ، (وَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُ أُمِّ وَلَدٍ) إذَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ.
(وَيَصِحُّ تَدْبِيرُ مُكَاتَبٍ وَكِتَابَةُ مُدَبَّرٍ) فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُدَبَّرًا مُكَاتَبًا فَيَعْتِقُ بِالْأَسْبَقِ مِنْ مَوْتِ السَّيِّدِ وَأَدَاءِ النُّجُومِ، وَذَلِكَ فِي الثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَظْهَرِ أَنَّ التَّدْبِيرَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ فَإِنْ قُلْنَا وَصِيَّةٌ بَطَلَ بِالْكِتَابَةِ وَيَبْطُلُ أَيْضًا إذَا أُدِّيَتْ النُّجُومُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَدَائِهَا فَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَمِثْلُهَا الثَّانِيَةُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ فِي التَّنْبِيهِ وَفِي التَّهْذِيبِ ارْتَفَعَتْ , وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ لَا تَبْطُلُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ مُكَاتَبَهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَيَتْبَعُهُ وَلَدُهُ وَكَسْبُهُ انْتَهَى، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونَانِ لِلسَّيِّدِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ عَنْ الْكِتَابَةِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْعِتْقِ بِالتَّدْبِيرِ.
(فَصْلٌ):
إذَا (وَلَدَتْ مُدَبَّرَةٌ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا) وَلَدًا حَدَثَ بَعْدَ التَّدْبِيرِ وَانْفَصَلَ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ (لَا يَثْبُتُ لِلْوَلَدِ حُكْمُ التَّدْبِيرِ فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا لَا يَثْبُتُ لِوَلَدِ الْمَرْهُونَةِ حُكْمُ الرَّهْنِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقْبَلُ الرَّفْعَ وَالثَّانِي يَثْبُتُ كَمَا يَثْبُتُ لِوَلَدِ الْمُسْتَوْلَدَةِ حُكْمُ أُمِّهِ بِجَامِعِ الْعِتْقِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ تَبِعَهَا الْحَمْلُ قَطْعًا، (وَلَوْ دَبَّرَ حَامِلًا ثَبَتَ لَهُ) أَيْ لِلْحَمْلِ (حُكْمُ التَّدْبِيرِ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ لَا يُعْلَمُ لَا يَثْبُتُ وَعَلَى الثُّبُوتِ، (فَإِنْ مَاتَتْ) فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ بَعْدَ انْفِصَالِ الْحَمْلِ (أَوْ رَجَعَ فِي تَدْبِيرِهَا) بِالْقَوْلِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الرُّجُوعِ بِهِ، (دَامَ تَدْبِيرُهُ) أَيْ الْحَمْلِ الْمُنْفَصِلِ وَالْمُتَّصِلِ، (وَقِيلَ إنْ رَجَعَ وَهُوَ مُتَّصِلٌ فَلَا) يَدُومُ تَدْبِيرُهُ بَلْ يَتْبَعُهَا فِي الرُّجُوعِ (وَلَوْ دَبَّرَ حَمْلًا صَحَّ) تَدْبِيرُهُ (فَإِنْ مَاتَ) السَّيِّدُ (عَتَقَ) الْحَمْلُ (دُونَ الْأُمِّ وَإِنْ بَاعَهَا صَحَّ) الْبَيْعُ، (وَكَانَ رُجُوعًا عَنْهُ) أَيْ عَنْ تَدْبِيرِهِ الْحَمْلَ (وَلَوْ وَلَدَتْ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهَا) بِصِفَةٍ وَلَدًا مِنْ زِنًا أَوْ نِكَاحٍ حَدَثَ بَعْدَ التَّعْلِيقِ وَانْفَصَلَ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ (لَمْ يَعْتِقْ الْوَلَدُ وَفِي قَوْلٍ إنْ عَتَقَتْ بِالصِّفَةِ عَتَقَ) وَهُمَا كَالْقَوْلَيْنِ فِي وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ عَتَقَ الْحَمْلُ قَطْعًا وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحَامِلَ عِنْدَ التَّعْلِيقِ كَالْحَامِلِ عِنْدَ التَّدْبِيرِ فَيَتْبَعُهَا الْحَمْلُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ (وَلَا يَتْبَعُ مُدَبَّرًا وَلَدُهُ) الْمَمْلُوكُ لِسَيِّدِهِ وَإِنَّمَا يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ (وَجِنَايَتُهُ) أَيْ الْمُدَبَّرِ (كَجِنَايَةِ قِنٍّ) فَإِنْ قُتِلَ بِهَا فَاتَ التَّدْبِيرُ أَوْ بِيعَ فِيهَا بَطَلَ التَّدْبِيرُ أَوْ فَدَاهُ السَّيِّدُ بَقِيَ التَّدْبِيرُ وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ كَجِنَايَةٍ عَلَى قِنٍّ فَإِنْ كَانَتْ بِالْقَتْلِ وَأَخَذَ السَّيِّدُ قِيمَتَهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا عَبْدًا يُدَبِّرُهُ (وَيَعْتِقُ بِالْمَوْتِ) أَيْ مَوْتِ السَّيِّدِ، (مِنْ الثُّلُثِ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ بَعْدَ الدَّيْنِ) فَلَوْ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ التَّرِكَةَ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ نِصْفَهَا وَهِيَ هُوَ فَقَطْ بِيعَ نِصْفُهُ فِي الدَّيْنِ وَيَعْتِقُ ثُلُثُ الْبَاقِي مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ وَلَا مَالٌ سِوَاهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَ كُلُّهُ وَسَوَاءٌ فِي اعْتِبَارِ التَّدْبِيرِ مِنْ الثُّلُثِ وَقَعَ فِي الصِّحَّةِ أَمْ فِي الْمَرَضِ (وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقًا عَلَى صِفَةٍ تَخْتَصُّ بِالْمَرَضِ كَإِنْ دَخَلْت) الدَّارَ (فِي مَرَضِ مَوْتِي فَأَنْت حُرٌّ عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ) عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ (وَإِنْ احْتَمَلَتْ) الصِّفَةُ (الصِّحَّةَ) وَالْمَرَضَ بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِهِ، (فَوُجِدَتْ فِي الْمَرَضِ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ) يَعْتِقُ (فِي الْأَظْهَرِ) اعْتِبَارًا بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ، وَالثَّانِي مِنْ الثُّلُثِ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ وُجُودِ الصِّفَةِ، وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ حِينَ التَّعْلِيقِ لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا بِإِبْطَالِ حَقِّ الْوَرَثَةِ نَعَمْ إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ بِاخْتِيَارِ السَّيِّدِ عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ جَزْمًا (وَلَوْ ادَّعَى عَبْدُهُ التَّدْبِيرَ فَأَنْكَرَ فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ) بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الرُّجُوعِ بِالْقَوْلِ، (بَلْ يَحْلِفُ) أَنَّهُ مَا دَبَّرَهُ وَلَهُ إسْقَاطُ الْيَمِينِ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنْ يَقُولَ إنْ كُنْت دَبَّرْته فَقَدْ رَجَعْت عَنْهُ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الرُّجُوعِ بِالْقَوْلِ، (وَلَوْ وُجِدَ مَعَ مُدَبَّرٍ مَالٌ فَقَالَ كَسَبْتُهُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَقَالَ الْوَارِثُ قَبْلَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ)؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَهُ، (وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) بِمَا قَالَاهُ (قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ) لِمَا ذُكِرَ.